صابر وراضى ... الشكل المطلوب
السبت 9 / 12 / 2006 م الساعة 11 مساءاً
.شاهدت جزء من برنامج " البيت بيتك " بالقناة الثانية فى التليفزيون المصرى لقاء للمذيع والصحفى
الشهير " محمود سعد " مع مواطن مصرى بدأ عاملاً على " عربة كبدة " حتى صار شريكاً فى محل أو مطعم
..قام الرجل بتربية ابنائه ورعايتهم وتعليمهم حتى وصلوا لدرجات علمية جيدة
حتى أن ابنه الأكبر صار استاذاً جامعياً
..كان المنحى فى البرنامج أن يقدم صورة مشرقة... صورة كفاح لأب فاضل قام بالمطلوب منه على أكمل وجه
..." كانت أبرز الكلمات فى الحوار عندما قال الضيف " أنا راضى عن حياتى ...
ولما سُئل عن أمنيته قال " أن أذهب للحج" ..ووعده المذيع أن يساعده فى ذلك بمساعدة أصدقائه - المذيع - لا المواطن ..من أصحاب شركات السياحة
..تأملت اللقاء ..ما الجذاب فيه ؟؟
..أب مصرى بسيط يربى ابنائه وفق إمكانياته وظروفه حتى وفقهم الله فى التعليم..
كل أبائنا وأهالينا يقومون بنفس العمل ...ويستحقون الشكر ..لا جدال على ذلك ..
ما الشئ الجذاب الذى يجعل هذا الرجل يظهر على شاشة التليفزيون الرسمى لمصر
فكرت كثيراً حتى وجدت أنه
الرضا
الرضا هى الكلمة السحرية التى جعلت من هذه القصة العادية مثيرة للتليفزيون المصرى فقدمها لنا
إن النظام عبر وسائل إعلامه التى يحتكرها ويتحكم فيها يقدم لنا نموذجاً يُحتذى
...كالأتى
أولاً : يجد الإنسان المصرى نفسه فى الحياة ..يجب أن يبحث عن مصدر رزق ويحاول أن يعمل ويكون شاكراً جداً لنظام الحكم الرشيد إذا توافرت له فرصة عمل
.
ثانيا ً : يتزوج - لو استطاع - ولن يمنعه النظام من الإنجاب و ليكن طفلاً واحداً أو إثنان لكى لا يتسبب فى زيادة سكانية تُضيع جهود النظام لتحقيق الرفاهية لجموع المواطنين
.
ثالثاً : يعمل جاهداً ويظل يعمل ويجاهد حتى يربى أبنائه - دون أن ينتظر دعما ً من أحد - .
...وينتهى به المطاف إلى أن يتمنى أن يحج لبيت الله الحرام ..لكى يرضى الله
..بعد أن عاش حياة بسيطة لم يغضب فيها أحد .... ويموت ...ويدخل الجنة .
هذا هو النمط الذى قدمه اللقاء ... صابر وراضى .......دعونا ندقق فى ملامح هذه الصورة قليلاً ونتسائل
....لماذا نعيش ؟؟ ..ما الجدوى من الحياة ..ألهذا خٌلقنا ؟؟
...لكى نأكل إن وجدنا طعام ونتناكح إن وجداً شريكا للنكاح .
.... ونكون شاكرين للقدر ..
الرضا
...يا لها من كلمة لمثل هذه الحياة ...
.هذا الرجل كان عاملاًعلى عربة كبده – حتى أنه لم يكن مالكها –
ألم يتعرض لمضايقات من الشرطة والبلدية وأجهزة الرقابة الصحية ؟
ألم يحتاج هذا الرجل فى أى مرحلة من حياته أن يدخل مستشفى حكومى – بإعتبار أنه بسيط وفقير – وهل وجد المستشفى الحكومى جاهز لإستقباله وعلاجه ؟
ألم يمرض هذا الرجل وظل فترة ملازماً للفراش غير قادر على العمل ...هل وجد من ينفق عليه وعلى أسرته ..هل وجد تأميناً أو بدل بطالة ؟
أراضٍ هذا المواطن عن أوضاعه المعيشية بصفة عامة ..وسائل المواصلات والطرق والكهرباء والمياه والصرف الصحى ..وغير ذلك ؟
إنه الرضا
...إن النظام يحدد لنا جدوى الحياة وكيف نحياها... يقدم لنا الغاية والأسلوب ثم المصير فى النهاية ...ويريدنا أن نطيعه ولا نهتم بما ليس لنا .. وعلى طريقة " ولا تقربوا الصلاة " ...." لا تسألوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم "ثم
....... " أخيراً " دعوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله " ..لكى تدخلوا الجنة