Friday, June 19, 2009

ما حك جلدك مثل ظفرك



الله يمنحنا النعمة والنقمة على السواء كلاهما ابتلاء
الزواج رباط مقدس ....فى الفقر والغنى فى السراء والضراء فى الصحة والمرض .
سيقيس الطبيب درجة حرارتك ونبضك لكنه لن يشعر بالألم فى معدتك ورغبتك الدائمة فى القيئ؟ سينصحك أن تتناول مسيلاً للدم كى تخفف الصداع .
فلتهتم بعملك وحاول أن تكتسب مهارات جديدة أو فلتبحث عن عمل إضافي , دعك من الأوهام التى تملأ رأسك الحقير وتجعل حياتك هباءاً منثوراً ؟
فكر بواقعية ... من تعتبرهم إخوانك لا يظنونك منهم... هم أبناء قحطان وعدنان.. أما أنت فلا ندرى من أين جئت ....لا انت أبيض بعيون ملونة كاللبنانيين لنقل أن أصلك أوروبي راقي ولا أنت زنجياً أسود لنقل أنك افريقي عبد
.......

أعداؤك حلفائهم العالم كله وقواهم غير محدودة ورؤسائك يرونك غير ناضج وإلاهك فى السماء وأنت تعيش على سطح الأرض
......
حقوقك مسلوبة وطموحاتك أطماع وما لك من نصير , صواباتك إقتابسات وتقليدات عمياء وأخطاؤك خطايا وكل إناء ينضح بما فيه
..............

افكارك ليست جديدة أنهم يعرفون رقم الآى بى للكمبيوتر وسيصلون لك ...... لن تختفى وراء شاشة إلكترونية.
سيصلون حتماً ؟
....
...
لقد أخذوني معهم من قبل ... يالها من تجربة مؤلمة ... تعذيب بلا هوادة وانتهاكات لا تُمحى أثارها للأبد
........
.
مم تخاف ؟؟ فلتملك الجرأة والشجاعة ولتتبعني
........
..............

لقد سبقتك لهناك .... ليس لك إلا أن تصعد فوق الطاولة وتلف الحبل المعلق فى سقف الغرفة برقبتك ثم تركل الطاولة برجلك اليمنى فاليمين كله بركة وتوكل على الله

Tuesday, June 02, 2009

شحاتة وولاد الشرموطة



شحاتة وولاد الشرمــوطة فى الدكان
.............


إنها قصتى أو بالأحرى قصة هذا الجيل.. الجيل المًبارك ..هؤلاء التعساء الذين ساقتهم أقدارهم أن يًخلقوا ليعيشوا منذ الثمانينيات وحتى الأن فى مصر..قصة فيلم ( دُكان شحاتة ) للمخرج ( خالد يوسف ) والكاتب ( ناصر عبد الرحمن ) .وانتاج - مصر للسينما


...................

................

بداية يرمز الأسم – دكان شحاتة – للوطن ..فهل يصح أن يكون الوطن مجرد دكان – مكان للبيع والشراء – مصدر للثراء والمال ... هكذا يراه البعض .
...............
بعض الأبناء ... ابناء – حجاج – ذلك الرجل الصعيدى الذى ترك قريته فى صعيد مصر ليعيش ويعمل فى القاهرة .. يعمل بستانياً وبواباً فى قصر أحد المُلاك الشيوعين الأثرياء – الذى قسم أرضه بين فلاحيه – وأعطى – حجاج – جزءاً من حديقة الفيلا ليبنى بيتاً يسعه وأولاده وأعطاه جزءاً من سور الفيللا ليبنى فيه متجراً – دكاناً – ليتاجر فيه ليعيش .........
..............
الأسرة التى يصورها الفيلم تحوى نوعين من الناس ولاد الشريفة وولاد الخائنة ...تزوج حجاج من أمرأتين الأولى أنجبت له ولدين وبنت ..ثم هربت مع رجل آخر .فتزوج امرأة أخرى ..انجبت له ابنه الأصغر شحاتة وماتت بعد ولادته .. على الرغم من أن حجاج يعيش ويعمل فى القاهرة إلا أنه يًصر أن يٌولد أبنائه فى الصعيد – مُعتقداً أن ذلك يُكسبهم جذوراً – لكن ليس هذا دوماً يكون.
..........
يشب شحاتة يتيماً – نصف أخ لأخوته – على الرغم من وداعته وطيبته وسلامة نيته ...لكنه ليس مثلهم .
..............

طالما كان شحاتة هو الأبن المُفضل لأبيه فهو المُطيع شبيه الأب فى الطباع والأخلاق حتى أنه على الرغم من نشأته فى القاهرة يعشق السيرة الهلالية كوالده – ويستحضر شخصياتها وقيمها .. تللك القيم التى صارت فى واقعنا المعاصر ضرباً من الجنون.
.........
يشب شحاتة أو كما أسماه صلاح عبد الصبور من قبل- زهران –
....
كان ...... غلاماً
أمه سمراء والأب مولد
وبعنيه وسامة
وعلى الصدغ حمامة
وعلى الزند أبوزيد سلامة
.............
شب ..... قوياً
ونقياً
يطأ الأرض خفيفاً
وأليفاً
كان ضحاكاً ولوعاً بالغناء
وسماع الشعر فى ليل الشتاء
...........

.... يحب الزهور يتمنى لو يعيش فى جنينة – ملئ بالزهور -كما يٌخبر حبيبته بيسة الفتاة الجميلة – مُعادل أخر للوطن - ..يتمنى شحاتة أن يتزوج بيسة ..ويوافق أبوه لكن شقيق بيسة المعادل الأخر لأخوة شحاتة لا يرى فى بيسة إلا صفقة .. يعطيها لمن يمللك الثروة .فطالما أن شحاتة فقير لا سبيل له لبيسة إلا بأن يثبت أنه غنى وقوى قادر على إسعادها...أو بالأحرى إسعاد أخيها بأن يدفع له ثمنها...
...
..............
د وماً كان شحاتة هو الذى يعمل فى الدكان طوال النهار ليوفر الحياة للأخرين ..وهم يجنون الأرباح ..وهو قانع بأن يعيش حياة بسيطة طالما أخوته سعداء هو سعيد.... كان وجود الأب يُحدث نوعاً من التوازن وكبح رغبات الأخوة ... لكن وجود الأب ليس للأبد.
.......
عندما يشعر الأب بالمرض يفاتح صاحب الفيللا أنه يريد أن يكتب الدكان والأرض التى يمتلكها لشحاتة .. لعلمه أن شحاتة لن يجور على حق أخوته ..لكنهم لو سيطروا على مقادير الأمور سيجورون على حق شحاته ونصيبه.
لكن شحاتة يرفض وصاحب الفيللا لا يؤيده فى ذلك كى لا تمتلئ نفوس الأخرين بالحقد والطمع .. ويموت الأب.
.............
يموت الأب .... ويُصاب شحاتة بالذهول والصدمة ...فهو لا يستوعب موت أبوه ...مثل تلك الحالة تصيب أنقياء القلب الأوفياء الذين يهزهم الفراق .. ومع الفارق ..كحال الصحابة رضوان عليهم عند موت الرسول عليه الصلاة والسلام .
....................
وكما جاء الأب من الصعيد يُوصى أن يُدفن فى الصعيد ..وفور أن ينتهى الأخوة من دفن أبيهم فى المقابر ... يطلبون من شحاتة المذهول المأخوذ بالموت - مفتاح الدكان وخاتم الأب .... ويعتدوا عليه ويسلبوه كل شئ ويتركوه فى المقبرة متهكمين عليه ويطلبون منه أن يموت – ويدفن نفسه فى مقبرة بجوار أبيه .
ويغادروا المقبرة رافضين إصطحابه معهم فى طريق عودتهم ...كأن جديراً به أن يموت .
..................................
.............................
يتوازى موت الأب مع موت صاحب الفيللا .. ليتحكم فى مقاليد الأمور جيل جديد ... جيل بلا مرجعيات ولا قيم ولا أخلاق .... ابناء حجاج وابن الثرى ذلك الشاب الذى يبيع الفيللا لسفارة أجنبية – أو بالأحرى السفارة الإسرائيلية ... إنه عصر جديد .. صار كل شئ معروض للبيع السماء والأرض والعرض – ولكى تكون صفقة البيع مُكتملة يجب أن يبيع أبناء حجاج أرضهم وبيتهم ودكانهم ،
..........
.....
يعود شحاتة لأخوته يريد أن يعيش وسطهم فهم أخوته أبناء أبيه وإن كانوا قسوا عليه فهم أخوته ...
فى مشهد من أكثر مشاهد الفيلم حساسية .. أعترف أنى بكيت فيه – مشهد عودة شحاتة لأخوته – طالباً منهم أن يقبلوه بينهم كأى عامل فى الدكان ويسامحوه على ما قد يكون بدر منه تجاههم من أخطاء.
وهم يُظهرون له بعض الود أملاً أن يوافق على البيع ....لكن شحاتة لا يستوعب كيف يبيع دكان أبيه ولماذا ؟
ليس الدكان لشحاته كما يراه الأخرون ..الدكان لشحاتة ليس مجرد مأوى ومصدر رزق .. الدكان لشحاتة وجود ..أيبيع وجوده .. أيبيع أبيه ؟
وعندما تفشل محاولات الأخوة لإرغام شحاتة على البيع ..يتخلصون منه .. يكيدون له قضية مُلفقة .. يدخل على أثرها السجن – ويا للسخرية ..يُلفقون له قضية تزوير أوراق رسمية ليغتصب ميراث أخوته.
.............
يبيع أبناء حجاج الدكان والبيت ويقبضون الثمن ..لم يكتفوا بأن يسلبوا شحاتة حريته وعمره بل يشترى أخوه خطيبته وحبيبته السابقة ..أقصد يتزوجها – فكل شئ صار للبيع .. وما لا يُباع يُسرق ويُغتصب.
.......................
.................................
يقضى شحاتة فى السجن زهرة عمره تمر عليه الأيام والليالى بطيئة وعليلة وكئيبة.. وكل شئ يمر ...
.......
يخرج شحاتة من السجن يبحث عن أخوته لا لينتقم بل ليعيش بينهم لكنهم لا يتفهمون ذلك ... يعتقدون أنه يريد بهم شراً.. وفور أن يروه ..وهو يتجه نحوهم فارداً ذراعيه كى يحتضنهم ملوحاً بصورة أبيه وأبيهم ... يُطلقون عليه الرصاص ليقتلوه.
ويموت ... ومن يهتم؟؟
يموت شحاتة وأنا تنهمر دموعى كأنى أبكى نفسى.
............................
................
دكان شحاتة فيلم يحكى قصة مصر ..قصتنا المعاصرة .. الفيلم ملئ بالرموز المباشرة .. لا يحتاج منك ذكاءاً كى تفهمها بل يقدمها المخرج والكاتب واضحة
شحاتة = الشعب المصرى البسيط
الأب = جمال عبد الناصر
الأخوة= الهالك وتابعه
الثرى صاحب الفيللا = تجسيد للقدر أو الله
الدكان والأرض وبيسة ( الأرض والعرض ) = مصر

...............
أليس لأنقياء القلب فى هذا البلد إلا الغياب بالموت أو بالرحيل ؟أو بالأحرى الترحيل