Tuesday, June 02, 2009

شحاتة وولاد الشرموطة



شحاتة وولاد الشرمــوطة فى الدكان
.............


إنها قصتى أو بالأحرى قصة هذا الجيل.. الجيل المًبارك ..هؤلاء التعساء الذين ساقتهم أقدارهم أن يًخلقوا ليعيشوا منذ الثمانينيات وحتى الأن فى مصر..قصة فيلم ( دُكان شحاتة ) للمخرج ( خالد يوسف ) والكاتب ( ناصر عبد الرحمن ) .وانتاج - مصر للسينما


...................

................

بداية يرمز الأسم – دكان شحاتة – للوطن ..فهل يصح أن يكون الوطن مجرد دكان – مكان للبيع والشراء – مصدر للثراء والمال ... هكذا يراه البعض .
...............
بعض الأبناء ... ابناء – حجاج – ذلك الرجل الصعيدى الذى ترك قريته فى صعيد مصر ليعيش ويعمل فى القاهرة .. يعمل بستانياً وبواباً فى قصر أحد المُلاك الشيوعين الأثرياء – الذى قسم أرضه بين فلاحيه – وأعطى – حجاج – جزءاً من حديقة الفيلا ليبنى بيتاً يسعه وأولاده وأعطاه جزءاً من سور الفيللا ليبنى فيه متجراً – دكاناً – ليتاجر فيه ليعيش .........
..............
الأسرة التى يصورها الفيلم تحوى نوعين من الناس ولاد الشريفة وولاد الخائنة ...تزوج حجاج من أمرأتين الأولى أنجبت له ولدين وبنت ..ثم هربت مع رجل آخر .فتزوج امرأة أخرى ..انجبت له ابنه الأصغر شحاتة وماتت بعد ولادته .. على الرغم من أن حجاج يعيش ويعمل فى القاهرة إلا أنه يًصر أن يٌولد أبنائه فى الصعيد – مُعتقداً أن ذلك يُكسبهم جذوراً – لكن ليس هذا دوماً يكون.
..........
يشب شحاتة يتيماً – نصف أخ لأخوته – على الرغم من وداعته وطيبته وسلامة نيته ...لكنه ليس مثلهم .
..............

طالما كان شحاتة هو الأبن المُفضل لأبيه فهو المُطيع شبيه الأب فى الطباع والأخلاق حتى أنه على الرغم من نشأته فى القاهرة يعشق السيرة الهلالية كوالده – ويستحضر شخصياتها وقيمها .. تللك القيم التى صارت فى واقعنا المعاصر ضرباً من الجنون.
.........
يشب شحاتة أو كما أسماه صلاح عبد الصبور من قبل- زهران –
....
كان ...... غلاماً
أمه سمراء والأب مولد
وبعنيه وسامة
وعلى الصدغ حمامة
وعلى الزند أبوزيد سلامة
.............
شب ..... قوياً
ونقياً
يطأ الأرض خفيفاً
وأليفاً
كان ضحاكاً ولوعاً بالغناء
وسماع الشعر فى ليل الشتاء
...........

.... يحب الزهور يتمنى لو يعيش فى جنينة – ملئ بالزهور -كما يٌخبر حبيبته بيسة الفتاة الجميلة – مُعادل أخر للوطن - ..يتمنى شحاتة أن يتزوج بيسة ..ويوافق أبوه لكن شقيق بيسة المعادل الأخر لأخوة شحاتة لا يرى فى بيسة إلا صفقة .. يعطيها لمن يمللك الثروة .فطالما أن شحاتة فقير لا سبيل له لبيسة إلا بأن يثبت أنه غنى وقوى قادر على إسعادها...أو بالأحرى إسعاد أخيها بأن يدفع له ثمنها...
...
..............
د وماً كان شحاتة هو الذى يعمل فى الدكان طوال النهار ليوفر الحياة للأخرين ..وهم يجنون الأرباح ..وهو قانع بأن يعيش حياة بسيطة طالما أخوته سعداء هو سعيد.... كان وجود الأب يُحدث نوعاً من التوازن وكبح رغبات الأخوة ... لكن وجود الأب ليس للأبد.
.......
عندما يشعر الأب بالمرض يفاتح صاحب الفيللا أنه يريد أن يكتب الدكان والأرض التى يمتلكها لشحاتة .. لعلمه أن شحاتة لن يجور على حق أخوته ..لكنهم لو سيطروا على مقادير الأمور سيجورون على حق شحاته ونصيبه.
لكن شحاتة يرفض وصاحب الفيللا لا يؤيده فى ذلك كى لا تمتلئ نفوس الأخرين بالحقد والطمع .. ويموت الأب.
.............
يموت الأب .... ويُصاب شحاتة بالذهول والصدمة ...فهو لا يستوعب موت أبوه ...مثل تلك الحالة تصيب أنقياء القلب الأوفياء الذين يهزهم الفراق .. ومع الفارق ..كحال الصحابة رضوان عليهم عند موت الرسول عليه الصلاة والسلام .
....................
وكما جاء الأب من الصعيد يُوصى أن يُدفن فى الصعيد ..وفور أن ينتهى الأخوة من دفن أبيهم فى المقابر ... يطلبون من شحاتة المذهول المأخوذ بالموت - مفتاح الدكان وخاتم الأب .... ويعتدوا عليه ويسلبوه كل شئ ويتركوه فى المقبرة متهكمين عليه ويطلبون منه أن يموت – ويدفن نفسه فى مقبرة بجوار أبيه .
ويغادروا المقبرة رافضين إصطحابه معهم فى طريق عودتهم ...كأن جديراً به أن يموت .
..................................
.............................
يتوازى موت الأب مع موت صاحب الفيللا .. ليتحكم فى مقاليد الأمور جيل جديد ... جيل بلا مرجعيات ولا قيم ولا أخلاق .... ابناء حجاج وابن الثرى ذلك الشاب الذى يبيع الفيللا لسفارة أجنبية – أو بالأحرى السفارة الإسرائيلية ... إنه عصر جديد .. صار كل شئ معروض للبيع السماء والأرض والعرض – ولكى تكون صفقة البيع مُكتملة يجب أن يبيع أبناء حجاج أرضهم وبيتهم ودكانهم ،
..........
.....
يعود شحاتة لأخوته يريد أن يعيش وسطهم فهم أخوته أبناء أبيه وإن كانوا قسوا عليه فهم أخوته ...
فى مشهد من أكثر مشاهد الفيلم حساسية .. أعترف أنى بكيت فيه – مشهد عودة شحاتة لأخوته – طالباً منهم أن يقبلوه بينهم كأى عامل فى الدكان ويسامحوه على ما قد يكون بدر منه تجاههم من أخطاء.
وهم يُظهرون له بعض الود أملاً أن يوافق على البيع ....لكن شحاتة لا يستوعب كيف يبيع دكان أبيه ولماذا ؟
ليس الدكان لشحاته كما يراه الأخرون ..الدكان لشحاتة ليس مجرد مأوى ومصدر رزق .. الدكان لشحاتة وجود ..أيبيع وجوده .. أيبيع أبيه ؟
وعندما تفشل محاولات الأخوة لإرغام شحاتة على البيع ..يتخلصون منه .. يكيدون له قضية مُلفقة .. يدخل على أثرها السجن – ويا للسخرية ..يُلفقون له قضية تزوير أوراق رسمية ليغتصب ميراث أخوته.
.............
يبيع أبناء حجاج الدكان والبيت ويقبضون الثمن ..لم يكتفوا بأن يسلبوا شحاتة حريته وعمره بل يشترى أخوه خطيبته وحبيبته السابقة ..أقصد يتزوجها – فكل شئ صار للبيع .. وما لا يُباع يُسرق ويُغتصب.
.......................
.................................
يقضى شحاتة فى السجن زهرة عمره تمر عليه الأيام والليالى بطيئة وعليلة وكئيبة.. وكل شئ يمر ...
.......
يخرج شحاتة من السجن يبحث عن أخوته لا لينتقم بل ليعيش بينهم لكنهم لا يتفهمون ذلك ... يعتقدون أنه يريد بهم شراً.. وفور أن يروه ..وهو يتجه نحوهم فارداً ذراعيه كى يحتضنهم ملوحاً بصورة أبيه وأبيهم ... يُطلقون عليه الرصاص ليقتلوه.
ويموت ... ومن يهتم؟؟
يموت شحاتة وأنا تنهمر دموعى كأنى أبكى نفسى.
............................
................
دكان شحاتة فيلم يحكى قصة مصر ..قصتنا المعاصرة .. الفيلم ملئ بالرموز المباشرة .. لا يحتاج منك ذكاءاً كى تفهمها بل يقدمها المخرج والكاتب واضحة
شحاتة = الشعب المصرى البسيط
الأب = جمال عبد الناصر
الأخوة= الهالك وتابعه
الثرى صاحب الفيللا = تجسيد للقدر أو الله
الدكان والأرض وبيسة ( الأرض والعرض ) = مصر

...............
أليس لأنقياء القلب فى هذا البلد إلا الغياب بالموت أو بالرحيل ؟أو بالأحرى الترحيل





9 comments:

نبراس العتمة said...

لم أقرأ البوست كله لأنك لخصت فيه قصة الفيلم وهذا يجعلني أحرق متعة المشاهدة
فهمت أن المقال ضد الفيلم
لن أستطيع أن أقول شيئا الآن
لكن علينا أن نميز بين رؤية المخرج وفكرته وبين طريقة العرض والتمثيل
أعتقد أن الأفلام التي شاهدتها ليوسف شاهين أعادت الاعتبار الى اسينما المصرية

V.Hayat said...

اعتقد ان الفيلم تناول موضوع يهم الشعب المصرى ولكن كما من الذين سيشاهدون الفيلم سوف يرونه من هذا الجانب وليس من جانب المتعة لمشاهدة هيفاء ولا ايه

تحياتى

رجل من غمار الموالى said...

السلام عليكم
اخى شكيب- نبراس العتمة
لا أقصد أن أًفسد متعة مشاهدة الفيلم بأن أحكى قصته
لكنى فقط أكتب أنطباعاتى عنه
وفى معظمها إيجابية وليست سلبية
الفيلم يحمل مضموناً وقليلة الأفلام ذات المضمون فى زمان التفاهات والهلس
تحياتى
........
الأخت حياة
أوافقك القول
فكثير مممن شاهدوا الفيلم إلا من رحم الله دخلوا لمشاهدة هيفاء
وعلى فكرة ..أنا لا أرى هايفة شاهقة الجمال كما يعتقد الكثيرون
لكن فى زمان التصورات المشوهة
أختلطت المفاعيم
والست هايفه لم تقدم إغراء فى الفيلم
كان المفروض يزودوا الإغراء فى مشاهدها أكثر تحياتى

ام مصرية said...

صحيح اننى أعتقد مثلك ان من الجيد أن يقدم الفيلم مضمونا ما ، فى الزمن الذي تسجل فيه أفلام اللينبي اعلى الايرادات ، لكننى أعتقد أن المضمون الجيد لا يغفر للعرض السئ ، لم أشاهد الفيلم لكننى قرأت البيان الذى أصدره الأزهر ليطلب من الرئيس مبارك وقف عرض الفيلم ، خالد يوسف يريد دائما فى جميع أفلامه أن تحتوى على الاثنين القصة و المناظر ، و أنا أرى ان الاثنين لا يمكن أن يتفقا ، تقديم مشاهد لهيفاء وهبى فى الحسين سقطة لا يجب أن تغتفر و تمر مرور الكرام ، لأنها ستكون سابقة للاجتراء على الأماكن الدينية ، و لو مرت فستتكرر كثيرا ، ، و سيحاسبنا الله كثيرا على صمتنا عنها كما نصمت على أشياء كثيرة

أحمد عاطف said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اولا ستقرأ سطورا لرجل لازال بعقل متحجر فسامحني عنما يبدر مني من كلمات

بادئ ذي بدء سمعت عن مدونتك منذ زمن فدخلت هنا لأقرأ بكل متعه فصدمتني أول كلمة ولاد .... صدمت لأنني أعتقد أن أي حوار أدبي يحتوي على تلك الكلمات المبتذلة يتحول إلى نوعا من الأدب الأيروسي نوعا من الأدب يستخدم كل ما يمكن للترويج لنفسه رغم أن تفنيدك وترتيبك لفكرة الفيلم ليست بالقوية بل ممتازة وربما تكن أفضل من تسلسل الفكرة في عقل صاحبها نفسه

ثم بدأت أقرأ رموز الشخصيات

فوجدت بينها ظلما أولا الأب الذي أصبح جمال عبد الناصر ولست أدري إلى متى سيظل الشعب المصري في غيبوبة جمال عبد الناصر الأفاق الأكبر في تاريخ مصر والمزور الذي لم أرى مثله مزورا في تاريخ مصر حتى الآن الرجل الذي بدل مسار الثورة من البداية
بداية من انطلاقها وقيامها ومرورا بالإطاحة برمز الثورة آنذاك اللواء محمد نجيب مرورا بحادث المنشية المفبرك

وحتى لا نسترسل في حوار خارج الموضوع النقطة الأخرى التي أثارتني بل وأثارت كل حفيظة لدي

الثري صاحب الفيلا كيف لك أن تشبهه بالله .. هل جننت ... هل تدنت الذات الإلهيه لنصورها ونشبهها ونساويها ببشر أم أن الأمر بالنسبة لك لا يمثل شيء ؟؟

لست أدري هل أقل لك تحياتي ... أم أقل لك ماذا

جلال كمال الجربانى said...

السلام عليكم

فعلاً مصر بقت دكان
بس الكل بيبيع فى الكل
وكله من الأنفتاح السداح مداح
والتوزيع غير العادل للفقر
إنت حرقت الفيلم كده
تحياتى

رجل من غمار الموالى said...

الأخت الفاضلة ( أم مصرية )تحياتى
أحترم رأيك
ولكن لكل منا وجهة نظره
لا أستطيع أن أكون رأياً فى هذه النقطة
هل التعدى على المحرمات الدينية يجوز أم لا خصوصاً فى الأعمال الفنية
كالروايات والأشعار والأفلام
ربما عندما نحدد هوية مجتمعنا يكون ذلك أيسر لنا
.........
......
الأخ أحمد عاطف تحياتى
شرفنى مرورك
يا أخى لا تقف كثيراً أمام الأسلوب
كما قال صلاح عبد الصبور فى مقطع من مسرحية ليلى والمجنون
ستظل مريضاً بالأسلوب حتى تدهم هذا البلد المنكوب كارثة لا أسلوب لها
دعنا لا نتحدث عن عبد الناصر - رحمه الله - فهذا أمر يطول فيه الكلام
أما بخصوص قولى أن شخصية الثرى صاحب الفيللا هو تجسيد للذات الإلاهية
فأنا ريت ذلك
وهذه رؤوية فنية كما أعتقد
وهذا فى العمل الفنى من باب ضرب المثل
...
والله يضرب الأمثال
...
تحياتى

ِوحيد جهنم said...

عزيزى رجل من غمار الموالى / تحياتى
هذه المرة الاولى التى اقرأ فيها هذه المدونة وكنت سعيد وان اقرأ مشاهدتك الخاصة لفيلم دكان شحاته وارى ان قراءتك للرموز فيه جاءت صحيحة فى اغلبها
لى حاشية صغيرة فقط عن الفيلم ان كنت تسمح بمساحة فى التعليقات لهذا
المشكلة عند خالد يوسف ان يتعمد دمج البعد السياسى بالبعد الاجتماعى مما يجعلنا مشتتين فى رمزية مشاهده
ففى الوقت الذى لا تدارى فيه صورة عبد الناصر الشرخ الموجود فى حائط الدكان وما فى المشهد من ترميز ودلالات الى ان شعارات اشتراكية عبد الناصر لم تعد تنفع فى رأب الصدع الموجود فى المجتمع
ترى البعد الاجتماعى فى العلاقات بين الاخوة وبين اسرة بيسة يزاحم ما اراده خالد يوسف من ترميز سياسى
النقطة الاخرى اختيار هيفاء وهبى وانا اتفق معك انها ليست جميلة ولا شيىء وانما اراد خالد يوسف النجاح لفيلمه جماهيرا
مكياج هيفاء وهبى غير مناسب تماما لحقبة الثمانينات وظهرت فى اكثر مشاهد الفيلم وصدرها نصف عارى وعلى فكرة مكياج عين هيفاء كان من السخافة التى تخرجك عن الاطار العام للفيلم
اداء عمرو سعد ركيك وبالاخص ادائه الصوتى الذى جاء غير معبر تماما
لا اعلم لماذا يعتبرونه ممثلا اصلا ؟
مفاجأة الفيلم هو عمرو عبد الجليل المبدع فى رائى بأداء متماسك ونظرات موحية
نجح خالد يوسف فى منحنا رسالة طمنية حين قتل شحاتة وارتفعت السنج والمطاوى واعقب ذلك مشاهد للعنف الدينى وكأنه اراد ان يقول ان نهاية عدم اعطاء الشعب حقوقه هو العنف والانفجار المجتمعى

اشعر اننى اطلت عليك عزيزى واحييك على التدوينة
تحياتى ومودتى

موقع جوجو الشامل said...

ميتتيمز يا غال ى