Friday, June 22, 2007

أما كان يمكن؟



يوسف الصائغ


إنها الساعة الثالثة . . بعد منتصف الليل .
بغداد واقفة
مثل مرضعة على كتفها ، قمر ميت
. وفي الرحم منها جنين عجيب
. رأينا على الأفق المستريب
قمرا من رماد . . وأنياب ذيبْ
. والليلة .
. سوف يسيل من القمر الميت . . خيط دم
، يعلق بالروح وبالأغصان
والليلة .
. تنبت في الملجأ أدغال العصر الملعون
وتكتمل الأحزانْ
وستطفو قبل الفجر تماسيحٌ سود
. . ذات زعانف ، من لهب ودخان
. . وعما قليل . . ستبتديء المجزرة

**مقدمة :
أنا لا أنظر من ثقب الباب الى وطني
. . لكني أنظر ، من قلب مثقوب
. . وأميز بين الوطن الغالب
. . والوطن المغلوب
. . . . . اللهُ
لمن يتنصتُ في الليل على قلب
أو يسترق السمع الى رئتيه
!وطني لم يشهد زورا ، يوما .
. لكن شهدوا بالزور عليه .
. القصيدة :
ها أنا و اقف ، فوق أنقاض عصري
. . أقيس المسافة مابين غرفة نومي . . وقبري !
وأهمس : واآسفاهُ
. . لقد وهن العظمُ ، واشتعل الرأسُ
، واسودّت الروح .من فرط مااتسخت بالنفاقْ
. . سلام على هضبات الهوى
( سلام على هضبات العراق )
انها الساعة الثانية ، وثلاثون
. . من بعد منتصف الليل
. . بغداد نائمة . . والهزيع ثقيل
. . وحده النهر مستيقظ
. . والمنائر . . والقلق المتربص ، خلف جذوع النخيلْ
. . فجأة
. . صرخت طفلةُ الخوف في نومها .
. وتخبط في العش فرخ يمام
.:- وصاح المؤذن في غير موعده
استيقظوا ، ايها النائمون
. . وماد المدى . . وتجعد جلد الظلام
واقشعر السكون
:ترى أما كان يمكن إلا الذي كان ؟
ماكان يمكن إلا الذي سيكون ؟
كان ، لامناص ، سوى ان تُخان ،على صدق حبك
، ياصاحبي ، او تخون ؟.
. هو ذا قمر من دم
، قد التصقت كسر الخبز فيه
. . دم . . تراب . . وهرّ على منكبيه . . غراب .
. ولقد نظرت بمقلتي ذئب الى وطني .
. وأحسستُ العواء ، يجيئني ، دبقا . . يبلله اللعابُ .
. ورأيتني ، اتشمم الجثث الحرام
.أفتش القتلى عن امرأتي .
. لكن . . صاح غراب البين
. . فانشقّ المشهد قسمين:
مشهد ، عن يسار ضريح الحسين .
. وآخر ، في ملجأ العامرية
. . ورويدا . . حتى يبتديء القصفُ
،وتصعد ، من بين شقوق الاسمنت المحروق
،تراتيل الخوف ، ترافقها أصوات مخاض
. . تسقط قنبلة . . تسقط أخرى . . أخرى
ينفجر الملجأ . . ينهدم السقف . . وتحترق الدنيا.
. فنموت . .
ونسمع بين الموت ، وبين اليقظة .
. صوت جنين
. . يضحك في الأنقاضْ
.........
. واقف فوق أنقاض عصري
. . كالصليب
. . يمد يدين مضرجتين .
. فما بين يأس . . وصبر .
. ألا . . أيها الراهبُ الابديُّ الجريح
. . أما آن أن تستريح .
. وتدرك أنك لست المسيح .
. وان الطريق الى ( الجلجة )لم يعد معضلة!
ولكنه ، في زمان . . كهذا الزمان .
. غدا مهزلة . . ومحض جنون .
. ترى ، أما كان يمكن إلا الذي كان . . ؟
ماكان يمكن إلا الذي سيكون ؟ .
بلى . . كان يمكن .
. لكنّ خمسين عاما ، من الحب . . لابد تُتعبُ
والصبر . . يتعبُ .
. والحلم . . والوهم . .
هذا العذاب البريء .
. في وداع حبيب مضى .
. وانتظار حبيب يجيء !
وقد كنتُ في وحشة الروح .
. أرنو لبغداد .
. أبحث عن منزل لي بها
،وأعرف ، أنك أهلي . . وبيتي .
. وأن على بابنا ، جرسا للحنين .
. أقرعه . . ثم أدخل
:اللهُ . . هذا إذن كل ماقد تبقّى ؟
سريرٌ كسيح . . وغرفة نوم مهدمة
. . ماتزال معاطف من رحلوا معلقة فوق جدرانها
ومكتبةٌ . . سقطت كل أسنانها . . وأهملها العاشقون .
. علام إذن يكتب الشعراء قصائدهم ؟
ومم تُرى يشتكون ؟
فما زلت أذكر
، أنا مشيينا وحيدين نبحث عن فندق للعناق .
. وحين وجدنا الشوارع مهجورة .
. والفنادق ممنوعة على العاشقين
، اخترعنا الفراق . .
سلام على هضبات زمان مضى .
. سلام على هضبات العراق .
. يومها
. . كان للحب ، بيت صغير . يعود له في المساء .
ولم يكن الحزن قد بلغ الرشد
. . والخوف ، ماكان قد أفسد الكبرياء
ولم يكن الشهداء يموتون ،
من قرف أو رياء . . . . .
أبدا ....
. كان يمشي الى الموت مكتفيا بمحض رجولته
وبزهو الدموع التي في عيون الحبيبة .
. وحين دنت ، ساعة المجد
غالبه حبه . . فانحنى خاشعا وقبل جلاده . . وصليبه . . ..
.. .. .. .. واقف كالمرابي . . في تخوم الضياع .
. وعصر الخراب .
. على كتفي ، ببغاءٌ مدربةٌ
وفي الصدر قبرة . . بجناحي غراب . .
غير مستنكف من مشيبي .
. ولا نادم .
. لأني لمحض سراب ، هدرت شبابي .
. ولم أنس هذا الذي كان . . او سيكون .
. فانظروا أيها الطيبون .
. إنها الساعة الثالثة . . بعد منتصف الليل
. . بغداد واقفة ،
مثل مرضعة . . على كتفها ، قمر ميت
. . وفي الرحم منها جنين عجيب .
. رأينا على الأفق المستريب .
. قمرا من رماد . . وأنياب ذيبْ .
. والليلة . .
سوف يسيل من القمر الميت . . خيط دم
، يعلق بالروح وبالأغصان
والليلة .
. تنبت في الملجأ أدغال العصر الملعون
وتكتمل الأحزانْ
وستطفو قبل الفجر تماسيحٌ سود .
. ذات زعانف ، من لهب ودخان .
. وعما قليل . . ستبتديء المجزرة
فمن يشتري التذكرة
إني ابتعت بهذي الليلة تذكرتين مكان اثنين .
. أنا وحبيبة قلبي
في منتصف المشهد -
لكأني أرى مثلما يحلم النائمون -
. . عراقية تتفتح من فرح في الفراش الوثير
وأراني أمشط شعر محبتها
فترمقني بامتنان وتمسح فوق يدى بالحرير
كأني أرى . . وأرى . . وأرى .
إنما ، فجأة .
. يفتح الباب .
. يدخل مخدعنا ، قنفذٌ من دم
فتطفيء الرغباتُ وتترك فوق السرير
جثة امرأة كنت احببتها
ستبقى بلا كفن في ضمير الحضارة.
. الى ان يدب الفساد بها .
. لتفضح سر العلاقة بين القداسة فيما نحب . . وبين الدعارة !. .
. . . واقف فوق انقاض بيتي .
. أفتش عن جثة امرأتي . .
ودمية بنتي
ويسألني الناس للمرة الألف . . -
ماكان يمكن ؟
اصرخ : لا . . أيها الغافلون .
. فإن تك خمسون عاما من الحب تتعب .
. أو يكن الصدق يتعب .
. فالكذب . . آخ من الكذب .
. هذا العذاب البذيء
في اقتفاء النجوم التي لاتضيء .
. والتثبت من قمر في المحاق .
. سلام على هضبات المنى
سلام على هضبات العراق.

8 comments:

rana 3amra said...

ايه دة ايه يابنى دة
انت معدىىىىىىىىىىىىىىىىى
بجد جامد جامد جامد لغاية مايبوظ الكىبورد بتاعى
ربنا يحميك والله اكبر ايه الجمال دة

مش لاقية كلام بس عجبنى بجد بجد بجد اخر حاجات

soha said...

. فإن تك خمسون عاما من الحب تتعب .
. أو يكن الصدق يتعب .

Unknown said...

جميله بجد

ماشاء الله يعني

وده أكتر جزء لمسني, مش عارفه ليه؟

أنا لا أنظر من ثقب الباب الى وطني
. . لكني أنظر ، من قلب مثقوب

رجل من غمار الموالى said...

الأخت رنا ...شكرا جدا ...
الشعر للشاعر العراقى الكبير يوسف الصائغ ..ما لى فضل الا الاختيار فقط
..............
الأخت سهى
تعبنا والله من زمان قوى مش عارفين ايه أخرة الموضوع
..............
الأخت اسراء
القلوب مثقوبة والرواح ثقبت ايضا ..
شكرا ..
...............

Anonymous said...

ماعندى شي يتقال
على فكره
انا عامله تجمع بلوجرى جامد جدا بمناسبة نجاحى وتخرجى على خير
التفاصيل على مدونتى الصغنونه..اللى من غير فذلكه

islam yusuf said...

اول مره ازور المدونه
جميله جدا و متابعه للشعر جيده

مش هاتكون اخر زياره
على فكره احنا بيلديات
من بلقاس برضه
و لو فيه فرصه اننا نتقابل
ده تليفونى

0100429322
تحياتى

Anonymous said...

حفلة أيامنا الحلوه يوم 27 يوليو الساعه 8:30 فى ساقية الصاوى
اكبر تجمع بلوجرى اوعى يفوتكو
Blogger Radio Station

انحلت سيور العربه وسقط المهر من الاعياء said...

مفيش اى تعليق يوفى الروعه دى حقها ياصديق
.....................
.........

جميل جدا
تحيا تى
وكل سنه وانت طيبه